
أصبح بإمكان العلماء أخيرًا سماع أهدأ رسائل الدماغ، وكشف الشيفرة المخفية وراء كيفية تفكير الخلايا العصبية، وقرارها، وتذكرها.
ابتكر العلماء بروتينًا جديدًا يمكنه التقاط الإشارات الكيميائية الواردة التي تستقبلها خلايا الدماغ، وليس فقط الإشارات التي ترسلها. يتم نقل هذه الرسائل الواردة بواسطة الغلوتامات، أ الناقل العصبي الذي يلعب دورًا مركزيًا في التواصل الدماغي. على الرغم من أن نشاط الغلوتامات ضروري لكيفية عمل الدماغ، إلا أن إشاراته دقيقة للغاية وسريعة، مما يجعل ملاحظتها شبه مستحيلة حتى الآن.
يسمح هذا الإنجاز للباحثين بتسجيل هذه الرسائل الكيميائية الخافتة عند وصولها إلى الخلايا العصبية الفردية، مما يفتح نافذة جديدة على كيفية معالجة الدماغ للمعلومات.
لماذا هذا الاختراق مهم؟
ومن خلال الكشف عن الإشارات الواردة، يستطيع العلماء الآن استكشاف كيفية قيام الخلايا العصبية بحساب المعلومات فعليًا. تدمج كل خلية عصبية آلاف المدخلات قبل إنتاج المخرجات، وهي العملية التي تكمن وراء التفكير وصنع القرار والذاكرة. إن القدرة على مراقبة هذه العملية بشكل مباشر يمكن أن تساعد في تفسير الأسئلة القديمة حول كيفية عمل الدماغ.
وهذا الاكتشاف له أيضًا آثار مهمة على أبحاث الأمراض. تم ربط إشارات الغلوتامات غير الطبيعية بحالات مثل: مرض الزهايمر المرض والفصام والتوحد والصرع. إن وجود أدوات يمكنها تتبع هذه الإشارات بدقة أكبر قد يساعد الباحثين على تحديد الأخطاء التي تحدث في هذه الاضطرابات.
وقد يكون تطوير الأدوية مفيدًا أيضًا. يمكن للباحثين الصيدلانيين استخدام هذه المستشعرات لمعرفة كيفية تأثير العلاجات التجريبية على النشاط التشابكي الحقيقي، مما قد يؤدي إلى تسريع تطوير علاجات أكثر فعالية.
بروتين جديد يستمع إلى الخلايا العصبية
البروتين، الذي طوره علماء في معهد ألين ومجمع أبحاث جانيليا التابع لمعهد HHMI، هو “مؤشر غلوتامات” جزيئي يُعرف باسم iGluSnFR4 (يُنطق “شم الغراء”). إنه حساس بدرجة كافية لاكتشاف أضعف الإشارات الكيميائية الواردة المتبادلة بين الخلايا العصبية.
من خلال الكشف عن متى وأين يتم إطلاق الغلوتامات، يقدم iGluSnFR4 طريقة جديدة لتفسير أنماط النشاط المعقدة التي تدعم التعلم والذاكرة والعاطفة. يستطيع الباحثون الآن مراقبة الخلايا العصبية وهي تتواصل داخل الدماغ في الوقت الفعلي، بدلاً من استنتاج النشاط بشكل غير مباشر. وقد نشرت النتائج مؤخرا في طرق الطبيعة ويمكن أن يغير بشكل كبير كيفية قياس النشاط العصبي وتحليله في أبحاث علم الأعصاب.
فيديو عالي السرعة لخلايا عصبية مزروعة تعبر عن iGluSnFR3 (100 هرتز، تم قياسها باستخدام مجهر واسع النطاق بسيط). تم إسكات الخلايا العصبية باستخدام TTX، مما يمنع إطلاق الغلوتامات المستحثة. الومضات هي استجابة iGluSnFR3 للإطلاق التلقائي للحويصلات الفردية، التي تحتوي في المتوسط على 500 جزيء فقط من الغلوتامات. الائتمان: معهد ألين
كيف تتواصل الخلايا العصبية داخل الدماغ
ولتقدير أهمية هذا التقدم، من المفيد فهم كيفية تفاعل خلايا الدماغ. تتواصل مليارات الخلايا العصبية عن طريق إرسال نبضات كهربائية عبر هياكل طويلة تشبه الفروع تسمى المحاور. عندما تصل الإشارة الكهربائية إلى نهاية المحور العصبي، فإنها لا تستطيع عبور الفجوة الصغيرة إلى الخلية التالية، والمعروفة باسم أ المشبك.
وبدلا من ذلك، تؤدي الإشارة إلى إطلاق رسائل كيميائية تسمى الناقلات العصبية في المشبك العصبي. الغلوتامات، الناقل العصبي الأكثر شيوعًا في الدماغ، له أهمية خاصة للذاكرة والتعلم والعاطفة. عندما يصل الغلوتامات إلى الخلية العصبية التالية، يمكن أن يتسبب في إطلاق تلك الخلية وتمرير الإشارة.
تشبه هذه العملية التفاعل المتسلسل، لكنها أكثر تعقيدًا بكثير. تتلقى كل خلية عصبية مدخلات من آلاف الخلايا العصبية الأخرى، ولا تحدد سوى مجموعات وأنماط محددة من تلك المدخلات ما إذا كانت الخلية العصبية المستقبلة تنشط أم لا. باستخدام مستشعر البروتين الجديد هذا، يستطيع العلماء الآن تحديد أنماط الإشارات الواردة التي تؤدي إلى إطلاق الخلايا العصبية.
التقاط الإشارات التي كانت غير مرئية في السابق
حتى الآن، كانت مراقبة هذه الإشارات الواردة في أنسجة المخ الحية شبه مستحيلة. كانت التقنيات السابقة إما بطيئة جدًا أو غير حساسة بدرجة كافية لقياس النشاط في نقاط الاشتباك العصبي الفردية. ونتيجة لذلك، لم يتمكن الباحثون إلا من رؤية أجزاء من الاتصال العصبي بدلاً من التبادل الكامل.
قال كاسبار بودجورسكي، دكتوراه، المؤلف الرئيسي للدراسة وكبير العلماء في معهد ألين: “إن الأمر يشبه قراءة كتاب به كل الكلمات المجمعة وعدم فهم ترتيب الكلمات أو كيفية ترتيبها”. “أشعر أن ما نفعله هنا هو إضافة الروابط بين تلك الخلايا العصبية، ومن خلال القيام بذلك، نفهم الآن ترتيب الكلمات على الصفحات، وما تعنيه”.
قبل وجود أجهزة استشعار البروتين مثل iGluSnFR4، كان العلماء يقتصرون على تسجيل الإشارات الصادرة من الخلايا العصبية. وكانت الرسائل الواردة ضعيفة للغاية ومختصرة بحيث لا يمكن اكتشافها، مما ترك فجوة كبيرة في فهم كيفية تواصل خلايا الدماغ.
سد فجوة حرجة في علم الأعصاب
قال بودجورسكي: “يمتلك علماء الأعصاب طرقًا جيدة جدًا لقياس الروابط الهيكلية بين الخلايا العصبية، وفي تجارب منفصلة، يمكننا قياس ما تقوله بعض الخلايا العصبية في الدماغ، لكننا لم نكن جيدين في الجمع بين هذين النوعين من المعلومات. من الصعب قياس ما تقوله الخلايا العصبية لأي من الخلايا العصبية الأخرى”. “ما اخترعناه هنا هو طريقة لقياس المعلومات التي تصل إلى الخلايا العصبية من مصادر مختلفة، وهذا جزء مهم مفقود من أبحاث علم الأعصاب.”
وأكد جيريمي هاسمان، دكتوراه، وعالم في مجمع أبحاث جانيليا التابع لمعهد HHMI، على الجهد التعاوني وراء هذا الاكتشاف. وقال: “إن نجاح iGluSnFR4 ينبع من تعاوننا الوثيق الذي بدأ في مجمع أبحاث Janelia التابع لـ HHMI بين فريق مشروع GENIE ومختبر Kaspar. وقد امتد هذا البحث إلى العمل الهائل في توصيف الجسم الحي الذي قامت به مجموعة الديناميكيات العصبية التابعة لمعهد Allen”. “كان هذا مثالًا رائعًا للتعاون بين المختبرات والمعاهد لتمكين الاكتشافات الجديدة في علم الأعصاب.”
فتح الباب أمام اكتشافات جديدة
يزيل هذا التقدم عقبة رئيسية في علم الأعصاب الحديث من خلال تمكين المراقبة المباشرة لكيفية تلقي خلايا الدماغ للمعلومات. مع iGluSnFR4 متاح الآن للباحثين من خلال أدجينأصبح لدى العلماء أداة جديدة قوية لاستكشاف كيفية عمل الدماغ على مستواه الأساسي. وبما أن هذه التكنولوجيا يتم اعتمادها على نطاق أوسع، فقد تساعد في الكشف عن إجابات لبعض أسرار الدماغ الأكثر ديمومة.
المرجع: “مؤشرات الغلوتامات ذات الحساسية المتزايدة ومعدلات التعطيل المخصصة” 23 ديسمبر 2025، طرق الطبيعة.
دوى: 10.1038/s41592-025-02965-z
لا تفوت أي اختراق: انضم إلى النشرة الإخبارية SciTechDaily.
تابعونا على جوجل و أخبار جوجل.
تنويه من موقعنا
تم جلب هذا المحتوى بشكل آلي من المصدر:
yalebnan.org
بتاريخ: 2025-12-23 12:18:00.
الآراء والمعلومات الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقعنا والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المصدر الأصلي.
ملاحظة: قد يتم استخدام الترجمة الآلية في بعض الأحيان لتوفير هذا المحتوى.



